للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا إذا كان المصر للمسلمين أحيوه أو فتحوه عنوةً، وشُرِط هذا على أهل الذِّمة. وإن كانوا فتحوا بلادهم على صلحٍ منهم على تركهم وإيَّاه خُلُّوا وإياه، ولا يجوز أن يصالَحوا على أن ينزلوا بلاد الإسلام يُحدِثون فيها ذلك».

قال صاحب «النهاية» (١) في شرحه: البلاد قسمان: بلدةٌ ابتناها المسلمون فلا يُمكَّن أهلُ الذمة من إحداث كنيسةٍ فيها ولا بيت نارٍ، فإن فعلوا نُقِض عليهم.

فإن كان البلد للكفار وجرى فيه حكمٌ للمسلمين، فهذا قسمان:

* فإن فتحه المسلمون عنوةً وملكوا رِقاب الأبنية والعِراص تعيَّن نَقْض ما فيها من البِيَع والكنائس. وإذا كنَّا ننقض ما نصادف من الكنائس والبِيَع فلا يخفى أنَّا نمنعهم من استحداث مثلها. ولو رأى الإمام أن يُبقي كنيسةً ويقرَّ في البلد طائفةً من أهل الكتاب، فالذي قطع به الأصحاب: منعُ ذلك، وذكر العراقيون وجهين:

أحدهما: أنَّه يجوز للإمام أن يقرَّهم ويبقي الكنيسة عليهم.

والثاني: لا يجوز ذلك، وهو الأصحُّ الذي قطع به المَراوِزة.

* هذا إذا فتحنا البلد عنوةً، فإن فتحناها صُلحًا فهذا ينقسم قسمين:

أحدهما: أن يقع الفتح على أنَّ رقاب الأراضي للمسلمين، ويُقَرُّون فيها بمالٍ يُؤدُّونه لسُكناها سوى الجزية. فإن استثنوا في الصلح البِيَع والكنائس لم


(١) أي الجويني في «نهاية المطلب في دراية المذهب» (١٨/ ٤٩).