للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هدمُها».

وهذا ليس على إطلاقه، فإنَّ كنائس العَنْوة يجوز للإمام إقرارُها للمصلحة، ويجوز للإمام هدمُها للمصلحة. وبه أفتى الإمام أحمد المتوكلَ في هدم كنائس العَنوة كما تقدَّم (١). وكما طلب المسلمون أخذ كنائس العنوة منهم في زمن الوليد حتى صالحوهم على الكنيسة التي زِيدَت في جامع دِمَشق (٢)، وكانت مُقَرَّةً بأيديهم من زمن عمر - رضي الله عنه - إلى زمن الوليد، ولو وجب إبقاؤها وامتنع هدمها لمَّا أقرَّ المسلمون الوليد، ولغيَّره الخليفة الراشد ــ لمَّا وَلِي ــ عمرُ بن عبد العزيز، فلا تلازُمَ بين جواز الإبقاء وتحريم الهدم.

وقد اختلفت الرواية عن أحمد في بناء المُستهدِم ورمِّ الشَّعِث، فعنه المنع فيهما، ونصر هذه الرواية القاضي في «خلافه». وعنه الجواز فيهما، وعنه يجوز رمُّ شعثها دون بنائها.

قال الخلال في «الجامع» (٣): باب البيعة تَهدَّمُ بأسرها أو تَهدَّمَ بعضُها. أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: سألت أبي: هل ترى لأهل الذِّمة أن يُحدِثوا الكنائس بأرض العرب؟ وهل ترى لهم أن يزيدوا في كنائسهم التي صولحوا عليها؟ فقال: لا يحدثوا في مصرٍ مصَّرته العرب كنيسةً ولا بيعةً، ولا يضربوا فيها بناقوسٍ. ولهم ما صُولِحوا عليه، فإن كان في عهدهم أن يزيدوا في


(١) (ص ٣٠٩)
(٢) تقدَّم (ص ٢٩٨ - ٢٩٩).
(٣) (٢/ ٤٢٧).