للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دون هذا الحائط الذي يلي البيعة حتى تهدَّم ذلك لم يجُزْ، لأنَّهم يُمنَعون من الإحداث وهذه الإعادةُ إحداثٌ.

وأبى ذلك سائر أصحاب الشافعي وقالوا: نحن قد أقررناهم على البيع، فلو منعناهم من رَقْع ما استَرَمَّ منه (١) وإعادةِ ما انهدم كان بمنزلة القلع والإزالة، إذ لا فرق بين أن يزيلها وبين أن يُقِرَّها عليهم ثم يمنعهم من عمارتها (٢).

واختلفت المالكية على قولين أيضًا، فقال ابن الماجشون: يُمنعون من رمِّ كنائسهم القديمة إذا رثَّت، إلا أن يكون ذلك في شرط عقدهم.

ونقل أبو عمر أنَّهم لا يمنعون من إصلاح ما وهى منها (٣).

واحتجَّ القاضي على المنع بحديث رواه عن الخطيب عن ابن رِزقويه، حدثنا محمد بن عمرو، حدثنا محمد بن غالب بن حرب، حدثنا بكر بن محمد القرشي، حدثنا سعيد بن عبد الجبار، عن سعيد بن سِنان، عن أبي (٤) الزاهرية، عن كثير بن مُرَّة قال: سمعتُ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُبنى كنيسةٌ في الإسلام، ولا يُجدَّد ما خرب منها» (٥).


(١) أي: ما حان له أن يُرَمَّ.
(٢) انظر: «نهاية المطلب» (١٨/ ٥٠)، وسيأتي كلامه.
(٣) سبق توثيق كلام ابن الماجشون وابن عبد البر قريبًا.
(٤) في الأصل: «ابن»، تصحيف.
(٥) أخرجه ابن عدي في «الكامل» في ترجمة سعيد بن سنان (٥/ ٤٥٢) وابن زَبْر الرَّبعي في «شروط النصارى» (١، ٢) وأبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» (٣/ ٣٨) ــ وعنه أبو نعيم في «أخبار أصبهان» (٢/ ٦) ــ من طرق عن سعيد بن عبد الجبار به. وإسناده واهٍ، سعيد بن سنان متروكٌ منكر الحديث.
وقد صحَّ الشطر الأول منه موقوفًا على عمر من طريق آخر، وقد سبق (ص ٢٨٨).