للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنَّما مراده إظهار اجتماعهم كما يُظهِر المسلمون ذلك يومَ عيدهم. ولهذا قال في رواية يعقوب بن بختان (١) وقد سُئِل: هل يضربون الخيام في الطريق يوم الأحد؟ قال: «لا، إلا أن تكون مدينة صولحوا عليها فلهم ما صولحوا عليه». فإنَّ ضرب الخيام على الطريق يوم عيدهم هو من إخراج الباعوث وإظهار شعائر الكفر، فإذا اختفَوا في كنائسهم باجتماعهم لم يُعرَض لهم فيها ما لم يرفعوا أصواتهم بقراءتهم وصلواتهم.

وأمَّا الشعانين فهي أعيادٌ لهم أيضًا، والفرق بينها وبين الباعوث أنَّه اليوم والوقت الذي ينبعثون فيه على الاجتماع والاحتشاد (٢).

وقولهم: (ولا نرفع أصواتنا مع موتانا) لما فيه من إظهار شعار الكفر، فهذا يعُمُّ رفعَ أصواتهم بقراءتهم وبالنوح وغيره.

وكذلك (إظهار النيران معهم) إمَّا بالشَّمع أو السُّرُج أو المشاعل ونحوها. فأمَّا إذا أوقدوا النار في منازلهم وكنائسهم ولم يُظهروها لم يُتعرَّض لهم فيها.

وقد سمَّى الله سبحانه أعيادهم زُورًا، والزور لا يجوز إظهاره، فقال تعالى: {وَاَلَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ اَلزُّورَ} [الفرقان: ٧٢].

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم في «تفسيره» (٣): حدثنا أبو سعيد الأشج،


(١) «الجامع» (٢/ ٤٢٥)، وقد سبق قريبًا.
(٢) انظر ما سبق من التعليق (ص ٢٧٣).
(٣) (٨/ ٢٧٣٧)، وعزاه في «الدر المنثور» (١١/ ٢٢٥) إلى عبد بن حميد وابن المنذر أيضًا.