للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول (نيازي عزُّ الدِّين): «الحياة أساس مِن أجلِ تواجد الألَم، والموت إيقاف له، ولذلك يقول لنا الله تعالى في القرآن لعلمه هذه الحقائق: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} [النمل: ٨٠]، فلا الميِّت قادرٌ على السَّمع، ولا الَّذي فقد حاسَّة السَّمع، كلاهما لا يَسمع، ثمَّ نحن نقول: لا؛ بل إنَّ الميِّت يسمع أصواتَ نعالِهم؟! .. {ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى} [الأعلى: ١٣]، الله يقول: (لا يموت فيها) حتَّى يُبقيه في العذاب الدَّائم، لأنَّه إن ماتَ تَوقَّف العذاب .. » (١).

أمَّا الضَّرورة الأخرى: فيقولون: أنَّنا بعد طول التَّجاربِ نكشِفُ عن القَبْر، فلا نجدُ ملائكةً يضربون بمطارق من حديد، ولا نرى فيه حيَّاتٍ، ولا ثعابينَ، ولا نيرانًا، بل نرى أجسادًا باليةً، أو عِظامًا نَخِرَةً، بل لو كشفنا عنه في كلِّ حالةٍ، لوجدْناه فيه لم يذهبْ ولم يتغيَّر عن حالته السَّابقة.

فكيف يصِحُّ بعد ذلك الزَّعمُ بأنَّ الميت يُقْعَدُ في قبره؟ مع كوننا لو وضعْنا زِئْبَقًا بين عينيه، أو دُخنًا (٢) على صدره، وأتيناه بعد بُرهة مِن الزَّمن؛ لَمَا تَغيَّر زِئْبَقٌ ولا دُخْنٌ عن وضْعِهما! ثمَّ إنَّا نفتح القَبْر فنجدُ لحْدًا ضيِّقًا على قدْرِ ما حفرْناهُ؛ فكيف تزعمون أنَّ القَبْر يتَّسع له وللمَلكين السَّائلين له؟! (٣)


(١) «دين السلطان» (ص/٩٢٣).
(٢) الدُّخن: نَبَات عشبي أسود، حبُّه صَغِير أملس كحب السِّمسم، ينْبُت بريًّا ومزروعًا، انظر «المعجم الوسيط» (١/ ٢٧٦)
(٣) انظر «التذكرة» للقرطبي (ص/٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>