خطأ تطبيق «النَّقدِ الدَّاخليِّ» لمنهج الغربيِّ على تاريخِ السُّنة
مِن هنا يظهر غلط المُستشرقين ومَن قلَّدهم في تطبيقِ المنهج التَّاريخيَّ المُتَمَعقِلِ على تاريخِ السُّنة النَّبويَّة، مِن جهةِ: كونِه إجماليًّا لا يُثمِر نتائجَ دقيقةَ؛ ومِن جِهة: افتقادِ العاملين به للخِبرةِ بتاريخِ السُّنة النَّبوية الَّذي يُراد انتقاده؛ مع الإضرابِ عمَّن ينظر منهم إلى النُّبوَّةِ عبر مِنظارٍ فكريٍّ عَدائي، وما يَكتنف كتاباتِهم من خطايا منهجيَّة في النَّقدِ (١).
فحين يستصحب الغَربيُّ هذه الحمولةَ الفكريَّة في دراستِه للسُّنة، يتَوهَّم بعد استقراءٍ ناقصٍ لدواوينِها، وتتبُّعٍ عَيِيٍّ لتواريخها، ونظرٍ مُستَكِثرٍ لكُتبِ رجالها: أنَّ منهج المحدِّثين -على خلافِ مَنهجِهم- مَيَّالٌ إلى النَّقد الخارجيِّ دون الدَّاخليِّ، نزَّاع إلى الأشكالٍ دون المَضامين.
ومِمَّا يعَزِّز هذا الاعتقاد الفاسد في نظره: وقوفه على أحاديثَ صحيحةِ الإسناد استشكلَها عقلُه، فيعتقد اختلاقَها مِن قِبَل المُتفقِّهة المسلمين، ليُشرِّعوا بها بعضِ الاتِّجاهاتِ السِّياسية وقتهم، أو بغيًا على بعضِ الطَّوائف المخالفة لأهل السُّنة؛ فيقول: كان حَقُّ مثل هذه المُنكراتِ أن تُطوى ولا تُروى؛ فإذْ لم
(١) انظر كشف شيءٍ من هذا الزَّيف في «العيوب المنهجيَّة في كتابات المستشرق شاخث المتعلقة بالسنة النبوية» لخالد الدريس، و «نقدات المستشرق الألماني هولدموتسكي لبعض النظريات الاستشراقية حول السنة النبوية» لأحمد صنوبر.