للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّاني

سَوْق المُعارضات الفكريَّةِ المعاصرةِ

لحديثِ سحرِ النَّبي صلى الله عليه وسلم

حاصل مُعارضات الآبِينَ لتَقبُّلِ خبرِ سحرِه صلى الله عليه وسلم ترتكز على أربعِ مُعارضات:

المعارضة الأولى: أنَّ السِّحرَ ليسَ له حقيقةٌ أصلًا.

وهذا المسلك جَنح إلى سلوكِه طائفةٌ مِن المعتزلةِ، وأبو مَنصور المَاتريديُّ (١)، وتَبِعهم جماعةٌ مِن فضلاء المُتأخِّرينَ، كجمالِ الدِّين القاسِمي (٢)، والطَّاهر ابن عاشور (٣)، وغيرهما مِمَّن تأثَّرَ في هذا البابِ بمادَّةٍ اعتزاليَّةٍ تقوم على أساسِ التَّسويةِ بين جنسِ مُعجزاتِ الأنبياءِ وجنسِ سِحْرِ السَّحَرة، فالقولُ عندهم بحقيقةِ الثَّاني يَنشأ عنه نوعُ تَلبيسٍ في التَّميِيزِ بينهما.

فلِكَيْ يَسلمَ للمُعتزلةِ بابُ النُبوَّة، أَنكروا خرْقَ العادةِ لغيرِ نَبيٍّ! والتَزَموا لذلك إنكارَ السِّحرِ وكراماتِ الأولياء، وكلِّ ما هو خارقٌ للعادة (٤).

لِذا نجدُ عبدَ الجبَّار المُعتزليَّ (ت ٤١٥ هـ) حين ظَنَّ أنَّ إثباتَ حَقيقةٍ للسِّحر يقتضي أن يَجْريَ على يَدِ السَّحَرة ما هو مِن قَبِيل ما يَعجزُ عنه الإنسُ والجنُّ،


(١) انظر «التوحيد» للماتريدي (ص/٢٠٩).
(٢) انظر «محاسن التأويل» (٩/ ٥٧٧).
(٣) انظر «التحرير والتنوير» (١/ ٦٣٣).
(٤) انظر «شرح الأصول الخمسة» للقاضي عبد الجبار (ص/٥٦٨ - ٥٧٢)، و «النبوات» لابن تيميَّة (١/ ٤٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>