لحديثِ دعاءِ النَّبي صلى الله عليه وسلم بالخير لِمَن آذاه أو لَعَنه
حاصلُ ما أورده المخالفون على هذا الحديث في المعارضةِ التَّالية:
أنَّ الحديث يُوحِي بأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم يَستفزُّه غضبُه، فيلعنَ النَّاسَ ويُؤذيهم مِن غير عذرٍ مُوجِب، وهذا عينُ الظُّلم، وفيه مَنقصةٌ لمَقامِه وعصمتِه.
وفي تقرير هذا الاعتراض، يقول (عبد الحسين الموسوِيُّ): «قد عَلِم البَرُّ والفاجر، والمؤمن والكافر، أنَّ إيذاء مَن لا يستحقُّ مِن المؤمنين، أو جلدَهم، أوسبَّهم، أو لعنَهم على الغضبِ: ظلمٌ قبيح، وفسقٌ صريح، يربأ عنه عدول المؤمنين، فكيف يجوز على سيِّد النَّبييِّين، وخاتم المرسلين؟!»(١).
ويؤيِّد (جعفر السُّبحاني) هذا الاعتراض بقوله: «إنَّ صدورَ السَّب واللَّعن والجلد لا يخلو عن حالتين:
الأولى: أن يكون المَسبوب والمَجلود والمَلعون مُستحقًّا لذلك الفعل، .. ومثل هذا لو جاز، لا يحتاج إلى الاعتذار كما هو ظاهر الحديث، ولا يحتاج إلى أن يقول: إنَّما أنا بَشر؛ مثلها ما إذا لم يكن مُستحقًّا لذلك عند الله وفي واقع الأمر، ولكن قامت الأمارة الشَّرعيَّة على الاستحقاق في الظَّاهر، والنَّبي صلى الله عليه وسلم مَأمور بالحكم بالظَّاهر والله يَتولَّى السَّرائر.