لأحاديث شَقِّ صدرِ النَّبي صلى الله عليه وسلم وحفظِه مِن وسواس الشَّيطان
حاصلُ الطُّعونِ في هذه الأحاديثِ تَتلخَّص في المُعارضاتِ التَّالية:
المعارضة الأولى: أنَّ قَبول حديثِ «شقِّ صدرِه صلى الله عليه وسلم، وانتزاعِ حَظِّ الشَّيطان منه»؛ يلزم منه الجَبْرُ، ونَفْي الاختيارِ للنَّبي صلى الله عليه وسلم؛ إذِ انتزاعُ حَظِّ الشَّيطان منه لا يُفهَم منه إلَاّ سَلبُ حريَّة الإرادةِ والاختيارِ الثَّابتة لكلِّ أحدٍ.
المعارضة الثَّانية: أنَّ لازمَ إثباتِ حَديثي أنس وعائشة رضي الله عنهما الوقوعُ في التَّناقض؛ فإنَّ الحديث الأوَّل يُفهِمُ إزالةَ حظِّ الشَّيطان بالكليَّةِ؛ فلا يعود يُوسوِسُ له، وفي حديث إسلامِ شيطانِه صلى الله عليه وسلم ما يلزم منه رجوعُه بالوَسوسةِ والتسلُّط.
وفي تقرير هذين الاعتراضين، يقول (حسن حنفي):
«إذا كان الله قد قَرَن بكلِّ إنسانٍ شيطانًا، وأنَّ الله تعالى أعَان النَّبي على شيطانِه فأسلَم، فلا يأمرُه إلَّا بخَيرٍ: فذاك أيضًا قَضاءٌ على حريَّة الفعلِ الإنسانيِّ أصلًا، وبالتَّالي يضيعُ الاستحقاق، ووَضعُ النَّبي في مرتبةٍ أعلى مِن سائر البَشر، أقربُ إلى (الملائكة) منهم إلى سائر الخلق، فيستحيل التَّكليفُ، وبالتَّالي يَستحيل الثَّواب والعقاب، ولا يرجع الفضل في العصمةِ حينئذٍ إلى الرَّسول، بل إلى الله، وتكون هذه المِيزة له وحده دون سائر الأنبياء؛ مثل داود، وسليمان ..