قبل الإبانة عن تهافتِ ما استندَ إليه الطَّاعنون في هذا الحديثِ مِن المعاصرين وأُسوتِهم في ذلك بالمعتزلة؛ فإنَّه يجدر الإشارة إلى أنَّ تحرُّرَ القول في الحديث يكمُن في نَظرين:
النَّظَر الأوَّل: في صحَّة الحديث، وتلقِّي الأمَّة له بالقَبول.
النَّظر الثَّاني: في جَريان ظاهرِه على مقتضى الأصول، والفهم المغلوط لظاهره من قِبل المُعترضين.
وضبطُ القولِ في النَّظرِ الأوَّلِ أن يُقال:
اتَّفقَ أَهل السُّنة والجماعة على صحَّةِ الحديث، وأنَّه لا مَطعن فيه؛ لا مِن جهة إسناده، ولا مِن جهة متنِه، وبتلقِّي العلماء له بالقَبول يرتقي إلى إِفادةِ العلم، هذا إن لم يُقَل بتواترِه، لينحسِمَ بذا الخوض عند أهل الشَّأنِ في صِحَّتِه.
وفي تقريرِ صِحَّة هذا الخَبر، يقول أبو عبد الله ابن مَنْدَه فيه:« .. هذه أَحاديث صِحَاح ثابتةٌ لا مَدْفع لها، ولهذا الحديث طُرُقٌ عن أبي هريرة»(١).