المَسْلك الإسناديُّ لدعوى احتواءِ «الصَّحيحين» على إسرائيليَّات، ونقضُه
يَدَّعي من يجهل منهجَ المُحدِّثين في نقدِ الأخبار:
أنَّ بعضَ اليَهودِ لمَّا غُلِبوا وظهرَ أمرُ المسلمين عليهم، لم يجدوا بُدًّا مِن أن يَتظاهروا بالإسلام، ويخفوا كيدَهم به، ككعبِ الأحبارِ، ووَهبِ بنِ منبِّه، وعبد الله بنِ سلام رضي الله عنه، فخَدعوا النَّاسَ بما تظاهروا به.
فلمَّا رَأوا عناية المسلمين بالقرآنِ بالغةً، واستحالةَ الزِّيادة فيه أو النُّقصان، انصرفوا إلى السُّنةِ، «فافتروا ما شاؤوا أن يفتروا عليه أحاديث لم تَصدُر عنه صلى الله عليه وسلم، .. ويسَّر عليهم كيدَهم أنْ وَجَدوا الصَّحابةَ يَرجِعون إليهم في معرفةِ ما لا يَعلمون مِن أمورِ العَالمِ الماضية، مِن أجلِ ذلك كلِّه، أخذ أولئك الأحبارُ يَبثُّون في الدِّين الإسلاميِّ أكاذيبَ وتُرَّهات، يزعمون مرَّةً أنَّها مِن كتابِهم، أو مِن مَكنون علمِهم، ويَدَّعون أخرى أنَّها ممَّا سمِعوه مِن النَّبي صلى الله عليه وسلم، وهي في الحقيقة مِن مُفترياتهم.
وأنَّى للصَّحابة أن يفطنوا لتميِيز الصِّدقِ مِن الكذبِ مِن أقوالهم؟ وهم مِن ناحيةٍ لا يعرفون العبرانيَّة الَّتي هي لغة كُتبهم، ومِن ناحية أخرى كانوا أقلَّ منهم