(٢) «هدى الساري» (ص/٦). (٣) أوَّل من لفت النَّظر إلى هذا التَّحديد الزَّمني فؤاد سزكين في كتابه «تاريخ التراث العربي» (١/ ١/٢٢٥ - ٢٢٦)، استنبطه ممَّا رُوي عن أبي جعفر العُقيلي (ت ٣٢٢ هـ) -كما في «هدي الساري» (ص/٧ و ٤٨٩) - من عرض البخاريِّ الصحيح على أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وابن المديني، «فاستحسنوه، وشهدوا له بالصِّحة، إلَّا في أربعة أحاديث، قال العقيلي: والقول فيها قول البخاريِّ وهي صحيحة». لكن عبد الفتاح أبو غدَّة تشكَّك في صحَّة هذه الحكاية في كتابه «تحقيق اسمي الصَّحيحين واسم جامع الترمذي» (ص/٢٨) للجهالة التي في إسنادها، ولعدم ذكر ابن أبي حاتم الورَّاق لها في «شمائل البخاري»، وإن كنت لا أرى هذا الأخير لوحده لازمًا في إنكارها.
والقصَّة ممكنة غير مستبعدة، على عادة كثيرٍ من الأئمة الماضين في عرض مصنفاتهم على مشايخهم، ومَن قَدِر على إبداعِ مثل «التاريخ الكبير» وهو ابن ثمان عشرة سنة، لن يعجز أن يشرع في تصنيف «الجامع الصحيح» وهو في الثالثة والعشرين. لولا أنَّ في متنِ الحكاية ما يدفع صحَّة نسبتِها إلى العُقيلي نفسِه، فهو الذي ضعَّف بعض الأحاديث في البخاريِّ! كحديث الأعمى والأبرص والأقرع الَّذي أخرجه في كتابه «الضُّعفاء» (٤/ ٣٦٩ - ٣٧٠) من طريق البخاريِّ، فكيف إذن يُنسب إليه قوله بصحَّة كلِّ ما في «الصحيح» بما فيها الأحاديث الأربعة الَّتي أعلَّها أولئك الأئمَّة؟!