للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الأوَّل

تعليلُ الشَّيخينِ لأحاديثَ رُوِيَت عن الصَّحابة

بالنَّظر إلى مخالفة مُتونِها لما هو مَعروفٌ مِن رِواياتِهم (١)

فمِن أمثلة ذلك عند البخاريِّ:

ما أخرجه (٢) مِن طريق: أفلت بن خليفة، عن جَسرة بنت دجاجة، عن عائشة رضي الله عنها عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «لا أُحِلُّ المسجدَ لحائضٍ ولا لجُنب، إلَّا لمحمَّدٍ وآل محمَّد» (٣).

فقد عَلَّل البخاريُّ هذا الحديث بمخالفة حديث آخرَ لعائشة، حيث قال: «قال عروة، وعبَّاد بن عبد الله، عن عائشة، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: «سُدُّوا هذه الأبواب إلَّا باب أبي بكر» (٤)، وقال: «وهذا أصحُّ».

فهذا البخاريُّ حين لاحَظَ تعارضًا بين هذين المَتْنَين، إذ أنَّ حديثَ (جَسرة) الَّذي يَستثني محمَّدا صلى الله عليه وسلم وآله ولم يَسْتَثنِ أبا بكر رضي الله عنهم، مخالفٌ لِما صحَّ عن عائشة مِن استثناءِ أبي بكر رضي الله عنه؛ فلو كانت رَوَت هذين الحَديثين حقيقةً، لبيَّنت حين


(١) انظر هذا المسلك في التَّعليل في «شرح علل الترمذي» لابن رجب (٢/ ٨٠٢).
(٢) في «التَّاريخ الكبير» (٢/ ٦٧).
(٣) أخرجه ابن راهويه في «مسنده» (٣/ ١٠٣٢)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (٢/ ٤٦٦).
(٤) أخرجه البخاري (ك: الصلاة، باب: الخوخة والممر في المسجد، رقم: ٤٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>