للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّالث

دفعُ المُعارضاتِ الفكريَّة المعاصرةِ

عن حديثِ فِرارِ الحَجرِ بثيابِ موسى عليه السلام

أمَّا دعوى المعارضة الأولى: من كونِ الحالَ الَّتي بُرِّأ بها موسى عليه السلام فيها كشف مُحرَّم لعورتِه، وإسقاطٌ لقدرِه عند قومِه:

فإنَّا ننفي أن يكونَ للمُعترضِ بهذا دليلٌ على كونِ ما جَرى لموسى عليه السلام من كشفِ عَوْرَتِه أمام الرِّجال مُحرَّمًا في شرعِه، بل الظَّاهر المُستفاد مِن الحديث أنَّ التَّسَتُّرَ لم يكُن وَحْيًا واجبًا بين الرِّجالِ في شرعِه عليه السلام، ولا وَرَد عنه النَّهيُ لهم عن التَّكشُّفِ في الجِنسِ الواحد، فلأجلِ أنَّ هذا كان مَعلومًا لدى قومِه، أنكرَ عليه ظَلَمَتُهم التَّسَتُّر عنهم (١).

أمَّا احتِجابُ موسى عليه السلام عن رؤيةِ الرِّجالِ له عاريًا، فلا يدلُّ ذلك منه على وجوبِ ذلك على قومِه، على ما تَقرَّر في الأصولِ أنَّ الفِعْلَ المُجرَّد لا يدلُّ على الوُجوبِ (٢)؛ ولكنْ كان اغتساله عليه السلام خاليًا أخذًا في حَقِّ نفسِه بالأكملِ والأفضلِ.


(١) «إكمال المعلم» (٢/ ١٨٩) (٧/ ٣٥٠).
(٢) انظر «الإحكام» للآمدي (١/ ١٧٣)، و «إيضاح المحصول» للمازري (ص/٣٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>