للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الخامس

موقف عبد الله بن الصِّديق الغُماري (١) (ت ١٤١٣ هـ) من «الصَّحيحين» ودراسة بعضِ ما أعلَّه فيهما

عبد الله بن الصدِّيق أعلمُ الغُمارِيِّين بالحديثِ بعد أخيه البِكْر أحمد، فبسبَبِه أحبَّ هذا الفنِّ وتَوجَّه لدراستِه، وأثرُه على قلمِه الحديثيِّ واضح في مُؤلَّفاته؛ وإن كان عبد الله ألطفَ عِبارةً منه في النَّقد، وألْيَن جانبًا في الرَّد.

فإنَّه مع ضعف اندفاعه هذا -مقارنةً بأحمد- لم يكُن لينجُو مِن بعض العيوبِ المنهجيَّة الَّتي وقَع فيها شقيقه تصحيحًا أو تعليلًا، والعَجلة في رَميِ الحديثِ بالوَضعِ مِن غيرِ دَليلٍ رجيح، وهذا يحصل منه أحيانًا لاستحكامِ النَّزعاتِ المَذهبيَّة عليه (٢).


عبد الله بن محمد بن الصديق الحسني: أبو الفضل الغُماري، تلقى تعليمه الأوَّلي في زاوية أبيه الصدِّيقية، ثم ارتحل إلى جامع القرويين بفاس فأخذ عن علمائها، ثم التحق بالجامع الأزهر بمصر سنة ١٩٣٠ م فحصل على شهادة العالمية الأزهرية فيها، إلى أن استقر بطنجة خطيبا بزاويتهم الصدِّيقية ومُدرِّسا بها؛ من تآليفه: «بدع التفاسير»، و «الفوائد المقصودة في بيان الأحاديث الشاذة المردودة»، انظر ترجمته لنفسه في كتابه «سبيل التوفيق في ترجمة عبد الله بن الصديق».
(٢) كحكمِه في كتابه «بدع التفاسير» (ص/١٨١) على حديث أبي هريرة الَّذي في «مسند أحمد» (١٣/ ٣٣٢ برقم: ٧٩٥٠): «لوكان العلم معلَّقا بالثُّريا، لتناوله قوم من أبناء فارس» بالوضعِ، وأنَّ بعض الرُّواة الوَّضاعين هم من غيَّر لفظَ (الإيمان) و (الدِّين) -وهما اللَّفظان الصَّحيحان في الحديث- بلفظِ (العلمِ).
وحكمه مبالغٌ فيه، والصَّواب ما أثبته أخوه أحمد بن الصِّديق من شذوذِه فحسب، في جزءٍ له سمَّاه «إظهار ما كان خفيًّا، من بطلان حديث: لو كان العلم بالثُّريا»، ووافقه عليه الألباني في «سلسلة الضعيفة» (٥/ ٧٥، رقم: ٢٠٥٤)، فجملة القول أنَّ الحديث ضعيف بهذا اللَّفظ: (العلم)، وإنمَّا الصَّحيح فيه (الإيمان) و (الدِّين)، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>