أمَّا عن المعارضةِ الأولى في دعوى المُعترضِ حصرَ الآياتِ لوظيفةِ الملائكة في تبشيرِ وتثبيتِ المسلمينَ يومَ بدر، فيُقال جوابًا لمثلِها:
إنَّه استدلالٌ بمَحلِّ الخلاف غير جائز؛ ذلك أنَّا نَدَّعي أيضًا أنَّ الله تعالى قد كَلَّفهم في الآياتِ نفسِها بشيءٍ زائدٍ على مجرَّد التَّثبيت، وهو ما ذكره في قوله تعالى:{فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}[الأنفال: ١٢].
فقول المُعترضِ بعدم قتال الملائكة في بدر، قرينةٌ على كونِ الأمرِ بالضَّربِ في هذه الآيةِ للمؤمنين: لا يصلُح، لأنَّ نفسَ هذه الدَّعوى نُنازعهم عليها، فأيُّ مانعٍ في أن تكون أمرًا للملائكة أيضًا؟
ثمَّ إنَّ نزولَ الملائكة لتسكينِ القلوب لا يعني بالضَّرورةِ عدمَ مشاركتِهم في القتال، فالأفيدُ أن يُنتقَل بالنِّقاشِ إلى إثباتِ مَن هو المُخاطَب بالأمرِ الإلهيِّ في الآية، وهو ما يظهر جوابه في:
ردِّ الاعتراضِ الثَّاني: وهو دعوى أنَّ الأمرَ بالقتالِ مُوَّجَه للصَّحابةِ لا الملائكةِ:
فإنَّه لا يخفى الخلافُ القديم في المعني بالمُخاطَب هنا بين أهل التَّفسيرِ