بلغَت أحاديث «الصَّحيحين» الَّتي يُدَّعَى على أبي حنيفة طعنُه فيها سِتَّةَ أحاديث، نأخذها واحدةً تلو الأخرى، لنستبين حقيقةَ دعوى اتِّباعه في إنكارِ المتون إذا صحَّت أسانيدها، والمنهجَ الَّذي يُعامل به هذا الإمام مَنقولاتِ السُّنة، فنقول:
الفرع الأوَّل: دراسة ما نُسب إلى أبي حنيفة إعلالُه في أحد «الصَّحيحين».
الحديث الأوَّل:
أخرج الشَّيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: عَدا يهوديٌّ في عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم على جارية، فأخذ أوضاحًا كانت عليها، ورضخَ رأسها، فأتى بها أهلُها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهي في آخر رَمق وقد أُصمتت (١)، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مَن قَتلك؟ فلان؟» -لغيرِ الَّذي قَتلها- فأشارت برأسها: أن لا،
(١) أي اعتُقل لسانها فلا تقدر على الكلام، انظر «النهاية» لابن الأثير (٢/ ٢٢٩).