للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَبحث الأوَّل: استناد الطَّاعنين في أحاديث «الصَّحيحين» على سابق عمل المُحدِّثين في نقدهما

لا يتحرَّجُ فئام من المُعاصرين مِن إنكارِ خبرٍ مُودَع في «الصَّحيحين» إذا ضاقت أعطانهم عن تقبُّل متنِه، بدعوى أنَّ باب النَّقد للكتابين مفتوح، لِما رأوه مِن تتابع نُقَّاد أهلِ الحديث ودُقَّاق النَّظرِ من الفقهاء على نقدِهما إلى يومنا هذا، من غير تحرُّج يُبدونه في ذلك.

فبهذا المُستندِ التَّاريخيِّ سوَّغ (جمال البَنَّا) في مقدِّمة كتابه إسقاط ثُلثَيْ أحاديثِ «الصَّحِيحين»! (١) وبمثله تذرَّع (سعيد القنوبي) (٢)، و (إسماعيل الكرديُّ) (٣)، و (محمد الأدهمي) (٤) لإلحاق ما تلقَّاه المحدِّثون بالقَبول فيهما برُكام الموضوعات، وذلك كلُّه باسم تنقية التُّراث الإسلاميِّ وتجديده.

والواحد مِن هؤلاءِ يَتصوَّر أنَّه بهذا الاعتذارِ المَشروخ لا يخرج عن جادةِ العلماء في النَّقدِ للأخبار، وأنَّ منهجَه الثَّوْرِيَّ على الصِّحَاحِ سائرٌ فيه على نفسِ المَهْيَعِ الَّذي سَلكوه؛ لا يرى نفسَه إلَّا مُتطوِّعًا لإكمالِ ما بَدأوه! على ما قد يلقاه


(١) «تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث الَّتي لا تلزم» (ص/١٦ - ٣١).
(٢) في كتابه «السَّيف الحادِّ في الردِّ على مَن أخذ بحديث الآحاد في الاعتقاد» (ص/٨٣).
(٣) في كتابه «نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث» (ص/٤٧).
(٤) في كتابه «قراءة في منهج البخاري ومسلم» (ص/١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>