أمَّا الجواب عن المُعارِض الأوَّل: في أنَّ في فعلِ موسى عليه السلام بالملَك، وعدمِ نصرة الله لرسولِه الملَكيِّ، إخلالًا بما يليق بالله .. إلخ؛ فيُقال فيه:
إنَّ الإشكالَ بهذا عند التَّحقيق لا وُرود له بحالٍ، لأنَّه ما نَشَأ إلَّا بعد الإخلالِ بما تَجب مُراعاته من جهل موسى عليه السلام في المرَّة الأولى بأنَّ الدَّاخل عليه ملَك، وبيانُ ذلك:
أنَّ الأنبياء عليهم السَّلام قد يخفى عليهم حالُ المَلائكةِ أوَّل مَجيئهم، فلا يَعرفونهم، فمِن عَدَمِ مَعرفةِ إبراهيم الخليل عليه السلام بهم: مَجيئه إليهم {بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} [هود: ٦٩ - ٧٠].
وهذا نبيُّ الله لوط عليه السلام، لم يَتبَيَّن له بادئَ الأمر أنَّ أضايفَه ملائكة، حتَّى خاف عليهم مِن قومِه فخاطَبَهم:{يَاقَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي}[هود: ٧٨].
وهذا نبيُّ الله داود عليه السلام، يُصغي إلى الملائكةِ يظنُّ أنَّهم خصومٌ مِن البَشر، {إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ}[ص: ٢٢].