للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّالث:

دفعُ المعارضاتِ المعاصرةِ للتَّفسيرِ النَّبويِّ لقوله تعالى:

{فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ}

فأمَّا دعوى المعترضِ في المعارضةِ الأولى: بأنَّ قصدَ الآيةِ بالسُّجود مُطلق الطَّاعةِ وأداءِ الصَّلاة:

فمخالفٌ لظاهرِ الآية نفسِها، وسجودُ كلِّ شيءٍ بحسبه، وإذا أُطلِق في الإسنان فالأصل فيه أنَّه خروره بوجهِه على الأرضِ، خضوعًا منه لخالقِه، وتحتمِل الآيةُ أن يكون معناه السُّجودِ فيها انحِناءُهم خُضَّعًا مُتواضعين كالرَّاكع، ولم يُرَد به نفسُ السُّجودِ المعهودِ عندنا بالجبهة (١).

وعلى كِلا المَعنَيين لا تَخالُف بين الآيةِ والحديثِ، والَّذي يتعارض والآيةَ حَقَّا تأويلُ المَعترضِ لها على مَعنى الطَّاعةِ وإقامِ الصَّلاة، فإنَّ الآية قَيَّدت السُّجودَ بلحظةِ دخولِ البابِ، ومطلق الطَّاعةِ ليس خاصًّا بتلكِ اللَّحظة، ولا بتلك البُقعة، فلا معنى لتقيِيده بذلك.

ليبقى المعنى الأجدرُ بالآيةِ: أنَّ الأمرَ فيها بالسُّجودِ أمرٌ لبَني إسرائيلَ بسُجودٍ جَسديٍّ حَقيقيٍّ عند دخولهم بابَ القريةِ، إظهارًا للافتقارِ إلى مَن مَنَّ عليهم بفتحِها، واستغفارًا منهم لما سَلَف مِن خَطاياهم.


(١) «لباب التأويل في معاني التنزيل» للخازن (١/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>