للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّالث

دَفعُ المُعارضاتِ الفِكريَّةِ المُعاصرةِ

عن حديث أمرِه صلى الله عليه وسلم بقتلِ المُتَّهم بأمِّ وَلدِه

لكيْ نَتحَقَّق الحكمةِ مِن أمرِ النَّبي صلى الله عليه وسلم شرعًا وعرفًا، لا بدَّ أوَّلًا مِن تَبيُّنِ المُلابَساتِ الَّتي اكتنفت هذه القضيَّة، واستحضارِ سائرِ الرِّواياتِ في هذه الواقعةِ، لينكشفَ بذلك ما أُجمِل في تلك الرِّوايةِ المختصرة عند مسلم، وليُعلَم وجهُ الحقِّ فيما ابتدأه النَّبي صلى الله عليه وسلم مِن إجراءٍ في القضيَّة، فنقول:

المُراد بأمُّ وَلَد رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في الحديث: ماريَّة أمُّ إبراهيم، الَّتي أهداها له المُقَوقِس صاحبُ الإسكندريَّة سنةَ سبعٍ مِن الهجرة (١)، ومَعَها أختُها سِيرين، وكانت ماريَّة نَزَلْت في عالِيةِ المدينة، وكان رَجلٌ مِن القِبْط ابنِ عَمٍّ لها (٢) يَتَردَّد إليها، ويَتَحدَّث إليها بحكمِ القَرابةِ والمَحْتِد.

فتَكلَّم حينها بعضُ النَّاسِ في فعلِه، وشَنَّعوا صورةَ ذلك.

وكان هو نصرانيًّا، ولم يأتِ أنَّه أسْلَم، حتَّى قال النَّاس: عِلْجٌ يدخُل على عِلْجَة! (٣) مع ما عُلِم مِن اختلاطِه إليها في الجُملة (٤)، فاستدَلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على هَتْكِه حُرمةَ بيتِ النُّبوَّة بنَقْضِهِ العَهْدَ (٥).


(١) انظر «الاستيعاب» لابن عبد البر (٤/ ١٩١٢)، و «الإصابة» لابن حجر (٨/ ٣١٠ - ٣١١).
(٢) كما جاءت به الرواية في «الحلية» لأبي نعيم (٧/ ٩٢) وغيره.
(٣) «كشف المشكل» لابن الجوزي (٣/ ٣٠٨).
(٤) «التحبير» للصنعاني (٣/ ٥٤١).
(٥) «الإفصاح» لابن هبيرة (٥/ ٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>