للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الأوَّل

مفهوم الاستشكال والاشتباه لمعاني النُّصوص الشَّرعيَّة

المُشكلُ من جِهة اللُّغة: المُختلِط والمُلتبِس (١).

وأمَّا في رسمِ المُحدِّثين: فالحديث المَقبول إسنادُه، خَفِيَ المُراد مِن متنِه، لمُعارضته دليلًا آخرَ ثابتًا (٢)، فهو بهذا أعَمُّ مِن مُختلِفِ الحديثِ، فإنَّ هذا يختَصُّ بمُعارضةِ حديثٍ لآخر مثلِه (٣).

فبهذا الاعتبارِ المَعنويِّ يكون المُشكل مُرادِفًا للمُتشابِه (٤)، وهو ما لم يَتضِّح معناه، لدِّقَّته وغُموضِه، بحيث يُحتاج في فهمِه وتحديدِ المُرادِ منه، إلى تَفكُّرٍ وتَأمُّلٍ في معناه، وفي التَّوفيقِ بينه وبين ما يُعارِضه.

وفي تقرير هذه العلاقة في المَعنى بين المُصطلحين، يقول ابنُ قُتيبة: «مِثلُ المُتشابِه: المُشكِل، وسُمِّي مُشكِلًا: لأنَّه أشكَلَ، أي: دخَل في شَكلِ غيره،


(١) «القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ص/١٠١٩).
(٢) انظر «مختلف الحديث وموقف النقاد والمحدثين منه» لـ د. أسامة الخياط (ص/٣٦)، و «مختلف الحديث بين الفقهاء والمحدثين» لنافذ حسين (ص/١٣)، وقد استند كثير ممن عرَّفه من المعاصرين على ما كلام الطَّحاوي في مقدمة «شرح مشكل الآثار» (١/ ٦).
ولهذا المصطلح مدلول آخر عند الأصوليِّين من الحنفية، حيث يجعلونه قسمًا ثانيًا من أقسام الإبهام: أي ما خفي المُراد منه لسبب في نفس اللَّفظ، ولا يمكن أن يدرك إلا بقرينة تميزه عن غيره، انظر «أصول السرخسي» (ص/١٦٨)، وتعريف المحدِّثين ألصق بالتَّعريف اللُّغوي له.
(٣) انظر الفروق بينهما في «أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها» لـ د. الدبيخي (ص/٢٨).
(٤) انظر «لسان العرب» لابن منظور (١٣/ ٥٠٣) مادة: ش ب هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>