للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَبحث الثَّاني

نبذةٌ عن أشهرِ مَن نقد «الصَّحيحين» مِن المُتقدِّمين

علِمنا قبلُ اهتمامَ أهل الحديث وحُذَّاق العللِ بفحصِ أحاديثِ «الصَّحيحين» منذ وقت مُبكِّر، حيث احتفوا بهما كأشدِّ ما تكون الحَفاوة والإجلال، من غير أن يمنعهم ذلك أن يُعلنوا بأحاديثَ رأوا فيها نوعَ عِلَّةٍ تخِلُّ بشرطِ المُصنِّفَيْن، مَيَّزوها في مُصنَّفاتٍ مستقلَّة عديدة.

وليس يخفى على حَدِيثيٍّ أنَّ أبرز مَن تَوجَّه إلى نقد الكتابين مِن أئمَّةِ العِلَل أبو الحسَن الدَّارقطني (ت ٣٨٥ هـ)، وذلك في ثلاثةٍ مِن مُصنَّفاتِه، تفاوتت في عَدد ما أعَلَّته في «الصَّحِيحين»، أشهرُها «التَّتبُّع»؛ مُحصِّل ما في هذا الكتاب من أحاديثَ مُتكلَّم فيها -مِن غير المُكرَّر- مِائَتا حديثٍ (١).

والدَّارقطني لم يَتغَيَّ في هذا السِّفْر استيعابَ جميعِ ما يراه مُنتقدًا على الشَّيخين، فإنَّا نجد في كتابِه الآخر المَشهور بـ «العِلَل الواردة في الأحاديثِ النَّبويَّةِ» أحاديثَ أعَلَّها لم يذكرها في كتابِ «التَّتبُّع»، قد بلَغَ تِعدادها سبعةً وثلاثين حديثًا (٢).


(١) انظر «الإلزامات والتتبع» بتحقيق مقبل بن هادي الوادعي (ص/٣٨٢).
(٢) اشترك الشَّيخان في ثمانٍ منها، وانفرد البخاريُّ بأربعة أحاديث منتقدة، ومسلم بخمسٍ وعشرين، وهذا حسب الطَّبعة الأولى من الكتاب بتحقيق محفوظ الرحمن السلفي سنة ١٤٠٥ هـ، والتي في إحدى عشر مجلدا من أول حديث أبي بكر رضي الله عنه، إلى نهاية حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ وانظر «أحاديث الصَّحيحين التي أعلَّها الدراقطني في كتابه العلل وليست في التَّتبع»، لـ د. عبد الله بن عبد الهادي القحطاني (ص/٥٢٠ - ٥٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>