أمَّا دعوى المُعترضَيْن على الحديث تحيُّزَه للرِّجال ضدَّ النِّساء:
فليس في الحديث شيء مِن ذلك، ولا فيه إهانة للنِّساء وتحقير لقيمتهنَّ كما زعموه وأرادوا فهمَه مِن الحديث عنوةً؛ إنَّ الحديث مجرَّد إخبار نبويٍّ صادقٍ عن أمرٍ واقع في المستقبل، أدَّى إليه سببٌ قد بيَّنه المُخبر نفسُه صلى الله عليه وسلم في خبرِه، تحذيرًا للمُخاطب مِن أن يشارك في ذاك الواقعِ بإتيانِه لسببِه.
وقد بيَّن صلى الله عليه وسلم أنَّ مَن كانت حاله حالَ أهل النَّار، فإنَّ فيه دواء مِن ذلك بالاستغفار وإكثار الصَّدقة بقوله صلى الله عليه وسلم لهن:«تصدَّقن وأكثِرن الاستغفار .. ».
فالنَّبي صلى الله عليه وسلم -إذن- لا يصدر حكمًا في الخبر على أحدٍ، ولا هو فَضَّل فيه نوعًا على نوع، إنَّما هو حكاية منه لحالٍ واقعٍ أوحاه له الله به، بيَّن سبَبَه، وسبيلَ النَّجاة منه.
يظهر هذا المعنى المُراد من الحديث، بحديثٍ آخر يُساويه في قوَّة السَّند، ويَزيد عليه في تكرُّر سِياقاتِه وتعدُّد رواياته، هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم:«اطَّلَعتُ في الجنَّة فرأيتُ أكثرَ أهلِها الفُقراءَ، واطَّلَعتُ في النار فرأيتُ أكثرَ أهلها النِّساءَ»(١).
(١) أخرجه البخاري في (ك: بدء الخلق، باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، رقم: ٣٢٤١)، ومسلم في (ك: الرقاق، باب: أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء، رقم: ٢٧٣٧).