إنَّ مِن أسبابِ الخطأِ المُتكرِّرِ عند المُنكرين لصِحاح السُّنَن عند النَّظرِ في الأخبار، إغفالَهم للقيودِ الَّتي تكبَح جِماحَ الخطابِ أن يُفهَم عامًّا على إطلاقِه!
وذلك أنَّ النَّصَ الشَّرعيَّ يَجري في سياقاتٍ لفظيَّة ومَعنويَّةٍ، وتحتفُّ به مِن القرائن والأحوال ما يَستوجِب حملَه على معنىً مُقيَّد دون عمومِ ظاهرِه، وأمثلة ذلك مِن الكتابِ والسُّنة مَبثوثة في باب ما يُخصَّص به عموم الكتابِ والسُّنة في كُتب الأصول (١).
فما أوْقَع المُبطلين لهذا الحديث بخصوصِه مُنزَلقٌ مَنهجيٌّ في تفسير النُّصوصِ الشَّرعيَّة، مُتمَثِّلٌ في أمرين:
أوَّلهما: حَملهم للَفظِ (التَّمر) في بعض الرِّواياتِ على عمومِ جنسِه، دون نَظرٍ في الرِّوايات المُقيِّدة بنوعٍ مُعَيَّنٍ منه.
ثانيهما: حَملهم لفظَ السَّمِ فيه على كلِّ سُمٍّ قاتلٍ وغير قاتلٍ، مِن غيرِ تَنقيبٍ عن مَقصد المُتكلِّم به، ولا مُراعاةِ القرائن المُحصِّلة لذلك.
(١) انظر «الفقيه والمتفقه» للخطيب البغدادي (١/ ٣٠٩)، و «اللُّمع» للشيرازي (ص/٣٢)، و «البرهان» للجويني (١/ ١٥٧)