المَطلب الثَّالث دَفعُ دعاوي المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِ عن أحاديثِ انقضاءِ قرن الصَّحابة بعد المائة
لا يَنقضي عَجبي مِن هؤلاء السُّرْعانِ في تجهيلِ المحدِّثين والطَّعنِ في مرويَّاتِهم، من دون تريُّثٍ وتأمُّل في صنيعِهم وما قد يرد عليه من وهمٍ وسوء فهمٍ، لربَّما كشف عنه أهل العلمِ منذ قرون عديدة.
فلو سألناهم -مثلًا- عمَّا يزعمون مِن تكذيب الواقع لأحاديث هذا الباب: هل هو أمرٌ ظَهَر لكم مَعاشر المُحْدَثين بخاصَّة؟ أم ظَهَر لِمن سبَقكم مِن عقلاءِ السَّلف؟
وبصيغةٍ أدقَّ نقول: متى كان سيظهر تكذيبُ الواقع لمثلِ هذا الخَبر الَّذي بَلَغ رتبة القطعِ عند المحدِّثين؟
فلا بدَّ أن يقولوا: مثل هذا الأمر الجَليِّ الواضح في المخالفةِ للواقعِ لابدَّ أن يكون قد ظَهَر لِمن قَبلنا بداهةً، وتحديدًا بعد هرمِ الغُلامِ، أو انقضاء المائة سنةٍ بعد وفاةِ النَّبي صلى الله عليه وسلم!
فنقول لهم: إن كان النَّبي صلى الله عليه وسلم قد قال هذا الحديث وغيره ممَّا في معناه سنة عشرٍ للهجرة، فسيكون المُجلِّي لكذبِ هذه الأخبار هو سنة (١١٠ هـ)! إذ به يكتمل قرنٌ من زمنِ تحديثه به.