للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَبحث السَّابع

محاولة استبدال المنهج النَّقدي للمُحدِّثين بمنهجِ النَّقد الداخليِّ الغربيِّ

وهكذا لم يَزل الأمر في سفولٍ بعد (رشيد رضا) حتَّى صارت هذه النَّزعة إلى نقد منهج المُحدِّثينَ مُستَراحًا لفِئامٍ مِن المُستَغْرِبين لاقتحامِ سِياجِ التُّراثِ، على أساسِ النَّقد العقليِّ لنصوصه الموافقِ لأساليب النَّقد الغربيِّ للتَّواريخ؛ «نقدٌ للأحاديثِ بميزانٍ جديدٍ، يقوم على أساسِ سلامةِ ومَعقوليَّة المتن ذاتِه، لا على أساسِ سلامةِ الرُّواة» (١).

فهذا الاختراع الجديد يُسمُّونه «النَّقدَ الدَّاخلي»، وهو أساسُ المَعارف عند الحَداثيِّين (٢)، يتمُّ وفقَ آليَّةٍ مُبتدعةٍ، تُفضي إلى أنَّ الحقيقةَ العلميَّة لا تَتقرَّر بمُجرَّد الشَّهادة (٣)، بل على «مَناهج مُستحدثةٍ، تفيد مِن الثَّورة المَنهجيَّة المعاصرة، مُعوِّلةً على نقدِ المتونِ، بقياسِها على رُؤَى الإسلام، وجوهرِه، ومَبادئِه العامَّة كما وردت في القرآن، فهو يطرحُ جانِبًا منهجَ الإسناد» (٤)، الَّذي يكرِّس تقديسَ النَّص وشموليتَه، ويقصي مبدأ تاريخيَّته ومحدوديَّته.


(١) «تحديث العقل الإسلامي» للعشماوي (ص ١٢/)، نقلًا عن كتاب «النَّص القرآني» لتيزيني (ص/٣٣١).
(٢) «من العقيدة إلى الثورة» لحسن حنفي (٤/ ٤٠ - ٤١).
(٣) «المدخل إلى الدراسات التاريخية» لأنجلوا وسينوبولس (ص/١٢٥ - ١٢٣).
(٤) «التراث وقضايا العصر» لمحمود إسماعيل (ص/٥٣) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>