هذا الحديث أحدُ الأخبار النَّبويَّة الصَّحيحة الَّتي عجِلَ في رفضِها بعضُ المُحْدَثين، فجعلوا الطَّعنَ فيه باستنكارِ معنى متنِه سبيلًا لتهشيمِ المنهجِ النَّقدي عند المحدِّثين، حيث تضمَّن بزعمهم خَبرًا يكذِّبه العقل والقرآن أوضحَ تكذيب، إذْ اللَّحم لا بدَّ له أن يَفْسُدَ ويتَحلَّل، هذا ممَّا تدركه العقولُ والحوَّاس بداهةً، وإلَّا كانت قد امتلأت الأرض بجِيَف الحيواناتِ، فأحالوا بذا أن يصدر مثلُ هذا الحديث عن الصَّادق المَصدوقِ صلى الله عليه وسلم.
نعم؛ لا نَستريبُ في أنَّ هذا الخبر لو كان بالمعنى الَّذي فهمه المعترضونَ، لكان خبرًا غلطًا ظاهرَ البطلان، وما اختلف عليه عاقلان؛ لكن نُكتة الكلام الَّتي تغافل عنها العَجَلة: أنَّ أذكياء الدُّنيا في وقتِهم من علماء المسلمين قد صحَّحوا الحديثَ وقبلوه، ولم يرَوا فيه ما يُستنكر! فهل يُعقل أن يكون كلُّ أولائك المُحدِّثين والفقهاء -وعلى رأسِهم الشَّيخان- قد صَحَّحوا هذا الحديث، مع ظهور بطلانِه لبدائه العقول كما يَدَّعيه المُبطلون؟!
هل بلَغَ السُّخف بعقولِ أئمَّةِ السُّنة هذا المبلغَ الَّذي لا يدركون به ما يَروُونه، ثمَّ هم يتَّفقون عليه جميعُهم مِن عهد الرِّوايةِ إلى الآن؟!