مع قيامِ البَراهين النَّقليَّةِ الكثيرةِ على ثبوتِ الشَّفاعةِ النَّبويَّةِ يومَ القيامة، إلَّا أنَّ فريقًا مِن مُخالِفي أهل السُّنةِ استَرْوَحوا إلى مُدافعتِها وعدمِ التَّصديقِ بها، وحاصلُ مَواقفِهم مِن حديثِ الشَّفاعة الكبرى لا يخرُج عن مَقامَين:
الأوَّل: مُعارَضاتٌ مُجْلَبةٌ على أَصلِ الشَّفاعة.
فأمَّا المقام الأوَّل: فمِمَّا أُورد على أصلِ الشَّفاعة ما تَضَمَّنته:
المعارضة الأولى: وهي دعواهم أنَّ جَريان الشَّفاعة على يَدِ الشُّفعاءِ يَقتضي مشاركةَ الله في مُلكِه، ومُنازعتَه فيما تَفرَّد به.
وممَّن قنِع بهذه الدَّعوى في رَدِّ أخبارِ هذا الباب:(مُصطفى محمود)(١)، وهو مع حِرصِه على عَقْلَنة التَّصوُّرات، مُضطَرِبٌ في هذا الباب بخاصَّةٍ اضطرابًا ظاهرًا، فتارةً يُنكِر الشَّفاعة في الظَّاهر، وتارةً يُظهِر استحسانَ مَنْ أَثبتَها بقُيودِها؛ وإن كان جانبُ النَّفي عنده ظاهر التَّغليب.
(١) مصطفى كمال محمود: طبيب ومفكر مصري، كان متأثرًا بموجة الشيوعية الملحدة، ثم تاب، وتفرغ للكتابة من عام ١٩٦٠ م، فبلغ ما نشره زهاء تسعين كتابًا متنوعًا في الدين والفكر والروايات، منها كتابه: «حوار مع صديقي الملحد»، وشُهر بحلقاته التلفزية (العلم والإيمان).