للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّالث

دفعُ المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِ

عن حديثِ: «إنَّ أبي وأباك في النَّار»

فإنَّ مسألة مآلِ وَالِدَي النَّبي صلى الله عليه وسلم مندرجة تحت بابِ عامٍّ مَيْسَمُه «حكم أهل الفترة» (١)، يتَّضح هذا مِن نفسِ ما استشهَدَ به المُعترضون مِن نصوصٍ على رَدِّ هذا الخبر؛ فالمنهجيَّة العلميَّة السَّليمة تقتضي التَّعريجَ أوَّلًا على هذا البابِ الأعمِّ، ليتَّضِحَ بتفصيلِ حكمِه الصَّوابُ في ما نحن فيه مِن فرعِه المُشكلِ على البعضِ؛ فنقول:

تَمدَّد خلافٌ عَريض بين العلماءِ في مَصير أهلِ الفترة، تَعدَّدت تفاصيله، وتنوَّعت فروعه، أصل الإشكال فيه راجعٌ إلى: أنَّ ظاهر الأحاديثِ المُثبتةِ لعذابِ بعضِ الجاهليِّين، مُعارِضٌ في الظَّاهرِ لأصلٍ قطعيٍّ في الشَّريعة، دَنْدَن عليه كلُّ مَن رَدَّ حديث مسلم هذا، وهو: أنَّ العقوبة الدُّنيويَّة والأخرويَّة لا تنزل بالعِباد إلَّا بعد بعث الرُّسُل إليهم، وقيام الحجَّة عليهم.


(١) الفترة لغةً: فَعْلةٌ مِن قولِ القائلِ (فَتَر) هذا الأمر يفتر فتورًا: إذا هَدَأ، وسَكَن بعد حِدَّة، ولَانَ بعد شدَّة، تقول: فَتَر الرَّجل عن علمِه عمَّا كان عليه مِن الجدِّ فيه، انظر «لسان العرب» (مادة: ف ت ر، ٥/ ٤٣).
أمَّا اصطلاحًا: فيقول شهاب الدِّين الآلوسي في «روح المعاني» (٦/ ١٠٣): «أجمع المفسِّرون بأنَّ الفترة هي انقطاع ما بين رَسُولين»، وانظر «جامع البيان» للطبري (١٠/ ١٥٦)، و «جمع الجوامع» للسبكي (١/ ٦٣).
فعلى ذا يكون تعريف أهل الفترة: هم القوم الَّذين لم يُدركوا النَّذارة قبلَهم، ولم تدركهم الرِّسالة الَّتي مَن بعدهم، انظر «الحاوي» للسيوطي (٢/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>