للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَبحث السَّادس

انصراف العَلمانيَّة إلى استهداف السُّنَن

لقد اعترفَ بعض رموز العَلمانيِّين بأنَّ رُكامَ مَقالاتِهم ومَواقفهم في إنكارِ السُّنةِ قد عَصَفت به ريحُ الحقيقةِ، فكان هباءً منثورًا، لم يُكتب له النَّجاح والقَبول في الأوساطِ الشَّعبيَّة؛ ترى هذا المعنى جليًّا في مثل قولِ حمَّادي ذويب: «كان جليًّا أنَّ موقف إنكارِ السُّنة لم تكُن له حظوظٌ في الانتشار والقَبول» (١).

ويُعبِّر أيضًا عنه نصر أبو زيد «بالمَواقف الَّتي أُهيل عليها تُراب النِّسيان» (٢).

ومع اعترافهم بفشل هذا الموقف العقيم من السُّنة، فإنَّهم على غير إياسٍ من دورِ المُجمِّع لهذا الهباءِ المَنثورِ، ذرًّا له مرَّة أخرى في عيونِ ضِعافِ البصيرة، فرَكزُّوا «على مُحاولةِ كشفِ المواقفِ المَسكوتِ عنها، الَّتي وَقَع إقصاؤها، لأنَّها مَواقف أقليَّات! لم تكُن لها الوسائل لنشرِ أفكارِها، مثلما تَوفَّر للفريق المُنتصر» (٣)؛ ويأبى الله إلَاّ أن يُتِمَّ نورَه.

والَّذي حصَّلته مِن حالِ العَلمانيِّين بعد تَتبُّعٍ نِسْبيٍّ لكلامهم في الشَّرعيَّات: أنَّ أكثرَهم في شِبْهِ عافيةٍ حالَ سَوقِ اعتراضاتِهم في مختلفِ العلوم الشَّرعيَّة أو التَّاريخية أو اللُّغويَّة؛ حتَّى إذا ما أقدموا على مَسِّ سِياجِ «الحديثِ وعلومِه»،


(١) «السُّنة بين الأصول والتَّاريخ» لحمادي ذويب (ص/٧١).
(٢) «الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية» (ص/٨٣).
(٣) «السُّنة بين الأصول والتَّاريخ» (ص/٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>