للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَبحث الرَّابع

مُميِّزات «صحيح مسلم» وأثر منهج البخاريِّ عليه في التَّصنيف

كان لهذا المنهج العلميِّ البخاريِّ في تصنيفِ الصَّحيحِ الأثرَ الحسنَ على منهج مسلم في جمع «مسندِه الصَّحيح»، فإنَّ مسلمًا تلميذ البخاريِّ وخِرِّيجُه، قد أفادَ مِن فهمِه وعلمِه، فكان كتابُه مُكمِّلًا لكتابِه، مُستلهِمًا من شيخِه فكرةَ الاقتصارِ على الصَّحيحِ في التَّصنيف (١).

وفي تقريرِ هذا التَّأثُّر منه، يقول أبو أحمد الحاكم (ت ٣٧٨ هـ): «إنَّ البخاريَّ ألَّفَ الأصولَ مِن الأحاديث، وبَيَّن للنَّاس، وكلُّ مَن عمِل بعده فإنَّما أخذَه مِن كتابه، كمسلم بن الحجَّاج» (٢).

ولَإنْ كان قصدُ البخاريِّ في «جامعِه» تخريجَ الأحاديثِ الصَّحيحة المُتَّصلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإفادةَ ما يُؤخذ مِنها مِن أحكامٍ وآدابٍ، أو تفسيرٍ وسيرةٍ؛ فإنَّ قصدَ مسلمٍ في كتابِه تدوينُ الصِّحاحِ مِن غيرِ تَعرُّضٍ لوجوهِ الاستنباطِ، بعد تصدير كتابه بذكر نُبذٍ مهمَّة مِن علمِ الحديثِ، ومَيْزِه فيه لطبقاتِ المُحدِّثين في


(١) هذا ما نصَّ عليه جمع من أئمَّة الحديث، كأبي عبد الله الحاكم في «المدخل إلى كتاب الإكليل» (ص/٣٠)، وابن الصلاح في «مقدِّمته» (ص/١٧).
(٢) «السَنن الأبين» لابن رشيد السبتي (ص/١٤٧)، و «النكت على مقدمة ابن الصلاح» لابن حجر (١/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>