حاصِلُ ما ساقَه المخالفون لأهلِ السُّنةِ على نصوصِ الرؤيَّةِ مِن معارضاتٍ عقليَّةٍ، يمكننا إجماله في مَقامَين:
الأوَّل: مُعارضات مُورَدةٌ على أصل الرُّؤية.
الثَّاني: مُعارضات سِيقت على بعضِ الألفاظِ الواردةِ في أحاديثِ الرُّؤية، تستلحقُ ردَّ الحديثِ كلِّه.
فأمَّا المَقام الأوَّل: فمِمَّا أُورِد على أصلِ الرُّؤية: دعواهم أنَّ ما تضمَّنته تلك الأحاديث مُصادِمٌ للدَّلائلِ العقليَّة والنَّقليةِ:
أمَّا العقليَّة: فادَّعوا أنَّ البَصر لا يُدرِك إلَّا الألوانَ والأشكال، والله تعالى ذاتٌ غير ماديَّة، فمِن المستحيل إذن أن يَقع عليه بَصرٌ سبحانه، والقول به هدْمٌ للتَّنزيه، وتَشبيهٌ لذاتِ الله؛ ذلك أنَّ الرُّؤية لا تحصل إلَّا بانطباعِ صورة المَرئيِّ في الحَدقة، ومِن شرطِ ذلك انحصارُ المَرئيِّ في جِهةٍ معيَّنةٍ مِن المكان، حتَّى يمكن اتِّجاه الحَدقة إليه، وهذا شأن الأجسام، والله تعالى ليس بجسمٍ، ولا تحدُّه جِهةٌ من الجِهات، ولو جاز أن يُرَى في الآخرةِ لجازت رؤيتُه الآن، فشروط الرُّؤيةِ لا تَتغيَّر في الدُّنيا والآخرة (١).
(١) انظر مجمل شبهات المعتزلة لنفي الرؤية في «الأصول الخمسة» للقاضي عبد الجبار (ص/٧٤).