للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب السَّادس

منهج أهل السُّنة في التَّعاملِ مع الأحاديثِ المُشكِلَة

مِن كمالِ منهجِ أهلِ السُّنةِ في التَّعامل مع هذه الإشكالاتِ المَعنويَّة على نصوصِ الحديث النَّبوي الشَّريف، أنَّهم أصَّلوا أصولًا ارتكزوا عليها لدفعِ هذه المُتشابهات عنها، وقعَّدوا قواعدَ لدَرْءِ التَّخالفِ بينها، فأبقوا على مَنابعِ الأدلَّةِ السُّنيَّةِ صافيةً غيرَ آسِنة، لا تُكدِّرها دِلاء شُبهةٍ أو اضطرابٍ.

والحِبالُ إذا تَعَقَّدت، قَطَّعها الجاهلُ، وحَلَّها العاقل!

لأجل هذا اجتهدتُ في جمع أهمِّ المَعالم السُّنيَّة الَّتي ينبغي للسَّالك أن يَهتدي بها في طريقِه إلى حَلِّ ما أشكَلَ على فهمِه مِن النُّصوصِ الشَّرعيَّة، وهي على النَّحوِ التَّالي:

المَعلم الأوَّل: الاعتقادُ المَبدئيُّ بعدمِ الاختلافِ بين الأدلَّةِ الشَّرعيةِ نقليِّها وعقليِّها.

إنَّ استصحابَ النَّاقد لأصلِ التَّوافق بين الثَّابت من الحديث، وغيره مِن أدلَّةِ الشَّرع والعقل: أمارةٌ على حُسن تسليمِه للنُّصوصِ الشَّرعيَّة، ونجاتِه من إثمِ ضربِ بعضِها ببعضٍ؛ ولذا يجدُ مَن تَتبَّع أحوالَ هؤلاء الوالغين في الصِّحاحِ باللَّمز والطَّعن، أنَّ «مِنهم خَلقًا كثيرًا في قلوبهم رَيْبٌ في نفسِ الإيمانِ بالرِّسالة! وفيهم مَن في قلبِه ريبٌ في كونِ الرَّسولِ أخبَرَ بهذا» (١).


(١) «درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (٦/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>