للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَبحث الأوَّل

تاريخ إنكار السُّنة

كان لظاهرة إنكار السُّنة النَّبوية بوادر آخرَ عهدِ الصَّحابة رضي الله عنهم في حالات نادرة لا اعتبارَ بها نتيجةَ شبهاتٍ عارضةٍ، سُرعان ما تنكشف ببيانٍ وجيزٍ مِن أحدِ الصَّحابة أو التَّابعين.

كما جرى في مجلسٍ تحديثٍ لعمران بن حصين رضي الله عنه، قيل له فيه: «يا أبا نجيد، لا تحدِّثنا إلَّا بالقرآن؛ فقال له عمران: أنتَ وأصحابُك يقرؤون القرآن، أكنتَ مُحدِّثي عن الصَّلاةِ وما فيها، وحدودَها؟! أكنت مُحدِّثي عن الزَّكاةِ في الذَّهب، والإبل، والبَقر، وأصنافِ المال؟! ولكن قد شهدتُ وغبتَ أنت.

ثمَّ قال: فرَضَ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزَّكاة كذا وكذا .. ، فقال الرَّجل: أحيَيْتَني أحياكَ الله!» (١).

ولقد كانت عامَّة بلادِ المسلمين في مَنأىً عن هذا الانحرافِ أوَّلَ أمرِها، حتَّى بدأت شرارتها في الاشتعال في بلادِ العراقِ مِن قِبل أفرادٍ لا يُمثِّلون فرقةً مُستقلَّة بذاتِها، أو اتِّجاهًا جماعيًّا مُؤثِّرًا (٢)؛ ثمَّ ما فَتِئ الأمر يتَطوَّر رُوَيدًا بعد


(١) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (١/ ١٩٢، برقم:٣٧٢) والطبراني في «معجمه الكبير» (١٨/ ١٦٥، برقم:٣٦٩) والخطيب في «الكفاية» (ص/١٥).
(٢) انظر «السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي» للسباعي (ص/١٤٨) و «زوابع في وجه السنة» لصلاح الدين مقبول (ص/٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>