للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَبحث الأوَّل

أصل شُبهة المُعترضين على جدوى تدوين السَّلف للسُّنة

أساس المشاغبات على منهجِ المُحدِّثين في تدوينِ السُّنة مُنْبَنٍ على شَفَا جُرفٍ هارٍ مِن الجهل بتاريخِ التَّدوين نفسِه، مُتولِّد -في الجملةِ- عن أصلِ اعتقادِهم بعدمِ حاجةِ القرنِ الأوَّل للحديثِ النَّبوي، ما يُفسِّر عدمَ اهتمامِهم بتدوينِه؛ فيكون كلُّ ما أنتجته قرائحُ أفذاذ المسلمين مِن طرائق التَّدوين الحديثيِّ وبراعةٍ في إحكامِ قوانينِ التَّوثيقِ باطلٌ لا قيمة له عندهم (١).

فانظر -مثلًا- إلى الإماميِّ (صادق النَّجمي) في أولى فصولِ كتابِه المُخصَّصة للكلامِ عن سِيَر الحديثِ وتَدوينِه (٢)، كيف ادَّعى تأخُّرَ تدوينِ السُّنةِ عند أهلِ السُّنةِ، ليتوسَّل بذلك إلى أنَّ «صحيح البخاريِّ» ساقطُ الاعتبارِ، كونه لم يُدَوَّن إلَّا بعد قرنين مِن وفاِة النَّبي صلى الله عليه وسلم (٣).


(١) انظر «تاريخية الدعوة المحمدية في مكة» لهشام جعيط (ص/٣٧)، و «أضواء على السنة المحمدية» لأبو ريَّة (ص/٢٣١ - ٢٣٢)، بل يرى أبو القاسم حاج حمد في كتابه «إبستملوجيا المعرفة الكونية» (ص/٩٩): أنَّ تصنيف الصَّحيحين وغيرهما من كُتب السُّنن إنَّما سبُبه تقليد المسلمين لليهود مُجاراةً لهم في «تَلْمودِهم»!
(٢) على خُطَى سَلَفِه (جعفر السُّبحانيِّ)، مُستَنسِخًا فيه كلَّ أغلاطِه حذوَ القذَّةِ بالقُذَّة! قارن الفصل المذكور من كتاب صادق النجمي بكتاب «الحديث النبوي بين الرواية والدراية» لجعفر السبحاني (ص/١٢ - ٣٣).
(٣) «أضواء على الصَّحيحين» (ص/٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>