للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الأوَّل

طبيعة العلاقة بين الإسناد والمتنِ

إنَّ العلاقةَ بين الإسناد والمتن علاقة تلازمٍ شرطيٍّ، لا تلازم اطِّرادي؛ بمعنى: أنَّه يَلزمُ لوجودِ المَشروطِ وجودُ الشَّرط، ولا يلزمُ مِن وجودِ الشَّرطِ وجودُ المشروطِ ضرورةً؛ فصحَّة السَّند هنا شرطٌ مِن شروط صحَّة الحديث، وصحَّة المتن مَشروط له، وعليه يلزَمُ لصحَّةِ المتنِ صِحَّةُ السَّند، وليست صحَّةِ السَّندِ موجبة لصحَّة المتن (١).

فإذا تقرَّر هذا؛ فإنَّ النَّظر في السَّندِ والمتنِ مَعًا أساسٌ لعمليَّة النَّقد الحديثيِّ عند المتقدِّمين، إذْ لا سبيل إلى الحكمِ بصحَّةِ الحديثِ، إلَّا بعد ثبوتِ شرطِه مِن الإسنادِ، وانتفاءِ المانع من ذلك في المتن؛ وبهذا قد أعطى المحدِّثون رُكْنَي الخبرِ حقَّهما مِن النَّظر، فلا هم نسبوا إلى الرُّواة الوَهَم والخَطأ ونحوَ ذلك لمجرَّدِ كونِ المتنِ يدلُّ على خلاف رأيٍ لهم مبنيٍّ على الظَّن، ولا هم اعتقدوا فيهم العصمةَ عن الخطأ والنِّسيان (٢).

وعلى هذا يُخرَّج تَصرُّفهم حِيالَ ما كان صحيحَ الإسنادِ باطلَ المتنِ، فإنَّهم لا يحكمون على السَّندِ وحدَه بِما يظهر مِن صحَّتِه، لمِا فيه مِن إيهامٍ لقَبولِ المتن،


(١) «الفروسية» (ص/٢٤٦).
(٢) انظر «توجيه النَّظر» (١/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>