الفرع الأوَّل: منع التَّسليم بوقوع التَّلقِّي لأحاديث «الصَّحيحين» مِن جهة المطالبة بتصحيح الاتِّفاق.
يقوم أصل هذا الاعتراض على استبعادِ العادة لاتِّفاق جميع المُجتهدين على صحَّة أحاديث «الصَّحيحين»، ممَّا يغلِّب جانب الغلَط عندهم في نقلِ من نَقل هذا الاتِّفاق، لانعدام الدَّليل الكاشف عنه؛ واستعمال هذا الاعتراض غالبًا ما يُستدعى في دعوى الإجماعِ السُّكوتيِّ، ويُراد به بيان ظهورِ وانتشار القولِ الَّذي أُقرَّ ولم يُنكَر (١).
ولستُ أعلمُ أحدًا أسبقَ من محمَّد بن إسماعيل الصَّنعاني (ت ١١٨٢ هـ) إلى تفصيلِ هذا الاعتراضِ على كلامِ ابن الصَّلاحِ، حيث حاولَ التَّشكيكَ به في حصول اتِّفاق العلماء على قبول أخبار الصَّحيحين.
فمن ذلك قوله: «دعوى على كلِّ فردٍ مِن أفرادِ الأمَّةِ المُجتهدين، أنَّه تلقَّى الكتابين بالقَبول، فلا بدَّ مِن البرهان عليها، وإقامته على هذه الدَّعوى مِن
(١) انظر «المعونة في الجدل» للشيرازي (ص/٢٨) و «الواضح» لابن عقيل (٢/ ١٨٠).