للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّالث دفعُ دَعوى المعارضاتِ الفكريَّة المعاصرةِ عن حديث نخسِ الشَّيطان للمَولودِ

فأمَّا ما أوردوه في المعارضةِ الأولى، من دعوى أنَّ حِفظَ عيسى عليه السلام وأمِّه مِن نَخسةِ الشَّيطان دون سائر الأنبياء تفضيلٌ لهما على سائر الأنبياء؛ فيُقال في ردِّه:

إنَّ امتيازَ نبيِّ الله عيسى وأمِّه عليهما السلام بهذه الخَصيصةِ لا يستلزم تفضيلهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا باقي الأنبياء، فإنَّ ذِكرَ فَضيلةٍ لا يستلزم الرُّجحان بالأَفضليَّة (١)، وذلك للقطعِ بأَنَّ نبيَّنا صلى الله عليه وسلم هو سَيِّد وَلد آدم، ويليه في الرُّتبةِ أبوه إبراهيم عليه السلام، والقطعُ بفضيلته صلى الله عليه وسلم وتقَدُّمِه على جميع الأنبياء أمرٌ مَعلوم، وأمَّا مريم عليها السلام فمهما سَمَت في مَراتب الوِلاية، فلن تصِل إلى مقام الأنبياء.

وقد أخبرنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم «أنَّه ما مِن أحَدٍ إلَّا وُكِل به قرينُه مِن الشَّياطين» (٢)، فلا يخرج من عمومِ مقالتِه هذه لا مريم ولا ابنُها عليهما السلام، وهما وإن عُصِما مِن نخْسِه، فإنَّهما لم يُعصَما «مِن مُلازمتِه لهما، ومُقارنتِه.


(١) انظر «قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (١/ ٣٩).
(٢) أخرجه مسلم في (ك: صفة القيامة والجنة والنار، باب: تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأن مع كل إنسان قرينا، رقم: ٢٨١٤)، وهذا لفظ أحمد في «المسند» (رقم: ٢٣٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>