للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّالث

دفع المُعارِضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِ

عن أحاديثِ انشقاقِ القَمَر

والجواب عن تلك المعارضات الثَّلاث في الفِقَر التَّالية:

أمَّا دعوى أنَّ انشقاق القَمر لو وَقع لتوافرت الدَّواعي على نقله متواترًا، ولَمَا خفِي على أهل الأقطار.

فيُقال في تَفصيلِ جوابها إمعانًا في تَفهيمِ المُعترض:

أوَّلًا: هذه الحادثة وَقَعتْ ليلًا، وذلك أنَّه شيءٌ طَلَبه قومٌ مخصوصون مِن أهل مكَّة، ومِن شأنِ اللَّيل أن يكون أكثرُ النَّاس فيه في غفلةٍ، أو نومٍ، أو سكونٍ عن المشي في الطُّرق، سيما في موسم البرد، مُستكنِّين بالأبنية ونحوها.

أفلا نرى إلى خسوفِ القمر؟ فإنَّه يكون كثيرًا، وأكثر النَّاس لا يحصلُ لهم العلم به، حتَّى يُخبِرهم أحدٌ به في السَّحَر (١).

يقول أبو سليمان الخطَّابي: «الأيقاظ البارِزون منهم في البوادي والصَّحارى قد يتَّفِق أن يكونوا في ذلك الوقت مَشاغيل بما يُلهيهم مِن سَمر وحديثٍ، وبما يهمُّهم مِن شغلٍ ومِهنة، ولا يجوز أن يكونوا لا يزالون مُقنعِي رؤوسِهم، رافعين لها إلى السَّماء، مُترصِّدين مركزَ القَمر مِن الفَلك لا يغفلون عنه، حتَّى إذا حَدَث بجُرمِ القمر حَدثٌ مِن الانشقاق، أبصروه في وقتِ انشقاقِه، قبل التئامِه واتِّساقِه!


(١) انظر «إظهار الحق» للهندي (٤/ ١٠٣٨)، و «فيض الباري» للكشميري (٥/ ٤٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>