دفع دعوى الإماميَّةِ كتمَ البخاريّ لمناقب عليِّ عليه السلام بالاختصار
فأمَّا دعوى المُعترضِ تحايُلَ البخاريِّ في كتمِ منقبةِ عليٍّ عليه السلام في صرفِه لعُمر رضي الله عنه عن جلدِ المَجنونة، وذلك بتقطيعِ الحديثِ وفصلِه عنه: فلو كان البخاريُّ مُتقصِّدًا إخفاءَ ذلك تنقُّصًا مِن قدرِه، فما كان شيءٌ ليَضطَرَّه إلى أن يُفرَد له في «صَحيحِه» بابًا مُستقِلًّا كامِلًا في مَناقبِه (١)!
وما هذا التَّوجيه المُستقبح من (النَّجميِّ) لهذا العَملِ من البخاريِّ، إلَّا نتاجُ سوءِ ظنِّه به، وغباوتِه عن تفهُّم منهجِه في التَّصنيف؛ ذلك أنَّ الشَّطرَ الأوَّلَ مِن المتنِ المَحذوف، والمُتضمِّن لقصَّة عمر مع عليٍّ، هو مَوقوفٌ في أصلِه كما لا يخفى، بخلاف الشَّطرِ الَّذي اقتصر عليه البخاريُّ، فإنَّه مُفيدٌ للرَّفعِ إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، وهو مُتقصَّدُ البخاريِّ أصالةً لاندراجه في موضوعِ كتابهِ، وتدليله به على ما ترجَم به البابَ.
(١) في صحيح البخاري (ك: فضائل الصَّحابة، باب: مناقب علي بن أبي طالب)، ذكر البخاري فيه سبعة أحاديث في مناقبه رضي الله عنه، وعلَّق حديثين أسندهما في موضع آخر من «صحيحه».