للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الأوَّل

المعايير المُصحِّحة لأيِّ نقدٍ مُعاصرٍ لأحاديث «الصَّحيحين»

توجَّه بعضُ المُشتغلينَ بالنَّقدِ الحديثيِّ في عصرنا إلى «الصَّحيحين» ببيانِ ما ظَهر لهم من عِلَلٍ أحاديثهما، مُتمرِّسين في ذلك بقواعدِ «علم المُصطلَح»؛ قد ساروا فيها على مناهجَ مُتباينةٍ مِن حيث التَّنزيل، حتَّى تَبايَنَت أحكامُهم على المَنقودِ مِن أحاديث الكِتابينِ، حسبَ تمكُّنِ كلٍّ منهم مِن آلاتِ النَّقدِ، وتمكُّنِ النَّزعةِ الفِكريَّة أو المَذهَبِيَّة من هواه.

فقد كان أبرزَ هؤلاءِ المُعاصرينَ الَّذين تَكلَّموا في بعضِ أحاديثِ «الصَّحيحين»، وأمْكَنَ أقرانهمأقرانهم مِن الصَّنعةِ الحديثيَّة، وكان لآرائِهم النَّقديَّة الوَقْعَ الأكبرَ على أبناءِ زمَنِهم ومِن جاء بعدَهم، وتُذرِّع بأقوالِهم كثيرًا مِن أربابِ النِّحَلِ الفكريَّةِ المختلفةِ في للكلام في «الصَّحيحين»: محمَّد زاهد الكَوثريُّ، ثمَّ أحمد بن الصِّديق الغُمَاري، وشقيقه عبد الله بن الصِّديق، ثمَّ محمَّد ناصر الدِّين الألباني، آخر الأربعةِ وَفاةً.

ومنعًا لأيِّ خَطلٍ مَنهجَيٍّ يُودِي بالصِّحاحِ المُتَّفق عليها، وقبل دراسة ما أعلَّه هؤلاء المعاصرون من الصَّحيحين: وجبَ التَّنبيه إلى ثلاثةِ مَعايِير شَرطيَّة، لا بدَّ لكلِّ من تعنَّى النَّظر في «الصَّحيحين» أن يَعتبِر بها قبل الاستعلَانِ بحُكمِه، فأيُّ نقدٍ لم تتحقَّق فيه عُدَّ هملًا، ولم يكُن له قيمةٌ عند المُحقِّقين من أهل الحديث، وهي على النَّحو التَّالي:

<<  <  ج: ص:  >  >>