للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّالث

دفعُ المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِ

عن دخولِ النَّبي صلى الله عليه وسلم على أمِّ حرامٍ وأختِها

أمَّا دعوى المُعترِض خلوةَ النَّبي صلى الله عليه وسلم بأجنبيَّة عنه في الحديث، ومَسُّها له مِن غير مَحْرَميَّة:

فالحديث خِلوٌ مِن إفادةِ معنى الخُلوة أو نفيها، غاية ما فيه التَّصريحُ بدُخولِ النَّبي صلى الله عليه وسلم على أمِّ سُليم وأختِها، ولا يَلزم أن يكون البيتُ ليس فيه إلَّا واحدة وقتَ دخولِه، بل الغالب خلاف ذلك، فتنتفي الخلوة، لأجلِ أنَّ أمَّ حرامٍ كانت تُساكِن أختَها أمَّ سليم، فـ «بيتُهما واحد، ثمَّ لا مانعَ أن تكون الأُختان في بيتٍ واحدٍ كبيرٍ لكلٍّ منهما فيه مَعزل» (١).

يدلُّ على هذا قول أنسٍ رضي الله عنه: «دَخَل النَّبي صلى الله عليه وسلم علينا، وما هو إلَّا أنا وأمِّي وأمُّ حرام خالتي، فقال: قوموا فلِأصلِّي بكم .. » الحديث (٢).

وعلى فَرْضِ دلالةِ الحديث على خلوة النَّبي صلى الله عليه وسلم بأمِّ سُليم أو أختِها: فقد جاز ذلك كونُه مَحْرمًا لهما، ما يُفسِّر تمكينَه لأمِّ حرامٍ فَلْيَه لرأسِه الشَّريفِ، وقد نَقَل النَّووي اتِّفاقَ أهل العلم عليه، والأكثرُ على أنَّ ذلك مِن جِهة الرَّضاعة (٣).


(١) «فتح الباري» لابن حجر (٦/ ٥١) بتصرف يسير.
(٢) أخرجه مسلم في (ك: المساجد ومواضع الصلاة، باب: جواز الجماعة في النافلة، والصَّلاة على حصير وخمرة وثوب، وغيرها من الطاهرات، رقم: ٦٦٠).
(٣) «شرح النووي على مسلم» (١٣/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>