أسلفنا التَّنبيه مِرارًا على أنَّ كثيرًا مِن مزالق الطَّاعنين في الأخبارِ ناتجٌ عن سوءِ استيعابٍ للمَعنى المُراد منها، ناتجٌ ذلك عن جهلِهم بأحكامِ اللَّغةِ وقواعد البيانِ تارةً، ومُجمَل سُنَّةِ النَّبي صلى الله عليه وسلم وأقوالِ صَحابتِه ووَرَثتِهم مِن أهل العلمِ تارةً أخرى، واستحضارُ هذا كلِّه أثناء النَّظر في النُّصوصِ هو المُعِينُ لاستقاء أنسبِ الأوجه الَّتي تُحمَل عليها.
وإنَّ لنا في مَوقفِ الطَّاعنين من هذا الحديث لَعِبرةً! فإنَّه لَمِن أَبْينِ المُثُلِ على الخَلَل المَنهجيِّ في الفهمِ المعاصرِ للنُّصوصِ الشَّرعيَّة، وذلك:
أنَّ النُّكتة في الحديثِ مُضَمَّنة في المُتَعلَّقِ المحذوفِ للجار والمجرور في قولِه:« .. في المرأة، والدَّار، والفَرس»، الَّذي هو خَبر لـ «الشُّؤم».
فإذا سايَرنا المُعترضون على ضرورةِ تَقديرِ هذا المُتعلَّق المَحذوف، فإنَّا سائلوهم: بماذا نُقدِّره؟
هل نُقدِّره بـ:(كائن) مَثلًا؟ فيكون المعنى:«الشُّؤم كائِنٌ في المرأةِ، .. » أي: هو كائِنٌ مِن عَملِ النَّاس أو في طبائعِهم في هذه الثَّلاثة، فيكون توصيفًا منه للواقعِ.