تأثُّر المدرسة العَقلانيَّة الإصلاحيَّة بالفكرِ الاعتزاليِّ
في نظرتها إلى النُّصوص
تأثَّرت هذه المدرسة الإصلاحيَّة المُستحدَثة -بقدرٍ ما- بأصول المدرسة الاعتزاليَّة القديمة في منهجِ الاستدلال، بل استطاعَت أن تخرِّجَ أفرادًا أشبه بمُعتزلةِ القرونِ الأولى! مُكْبِرين للعقل على حسابِ الثَّابتِ من النُّصوص، مُقدِّمين لِما يرونَه عقلًا عند بدوِّ التَّعارضٍ، مُستبيحِين لحِمى العقائدِ الغَيبِيَّة بتَصورَّاتٍ عقليَّةٍ مَحضةٍ؛ وُجِد فيهم من يسلم من لمزِ علماءِ السَّلف وأهلِ الحديثِ، أو التَّهكُّمِ بأقوالِهم، ورَميِهم بالحَشويَّةِ ونحو ذلك من الألقاب المُنفِّرة، دون اكتراثٍ منهم بما يَنقله العلماء مِن إجماعاتِ في المَواضيع الَّتي يشذُّون فيها.
مع التَّنبيه على اختلافِ مَراتب كِلا هاتين المدرستين في التزامِ أصلِ هذا التَّحكيم العقليِّ، والَّتفاوات الحاصل بينهم مِن حيث تعميمُه على مَسائل الدِّين.
وفي تقريرِ هذا التَّأثير الاعتزاليِّ في أرباب هذا التَّيار العقلانيِّ الحديث، يقول أحد المُعجبين بهم (محمَّد حمزة):
«إنَّ النَّزعة العقليَّة الَّتي تحمَّس لها مُفكِّرون عديدون، كمحمَّد عبدُه، وعلي عبد الرَّزاق، وأحمد أمين، ومحمود أبو ريَّة، وَجَدَت في مَبادئ المعتزلةِ ونزعَتِها العقليَّة تعبيرًا صادقًا عن طموحاتِها، فكان الاحتفاءُ بمَبادِئها -وخاصَّةً في فترةِ ما بين الحربَيْن- استعادةً جديدةً، ومحاولةَ إحياءِ العقلانيَّة العربيَّة القديمة ..