الشَّيخانِ -كسائر علماءِ أهل السُّنة- على درايةٍ بفضلِ أهل بيتِ نبيِّهم صلى الله عليه وسلم ووِصايتِه بهم، مُلتزمان بحُبِّهم والتَّزلُّفِ إلى الله بمدِحهم والإحسانِ إليهم؛ على المذهب المَرضيّ شرعًا في تَولِّي جميعِهم أقارب وزوجات، بلا غُلوٍّ في أحدٍ منهم، ولا تقصيرٍ في حَقِّه، فاختاروا بذلك طريقَ العدلِ والإنصافِ، وسطًا بين غُلاةِ الشِّيعةِ الَّذين يَدَّعون لهم العصمةَ مِن الذَّنبِ، والعلمَ الغَيبيَّ، والتَّصرُّف الرُّبوبيَّ، وبين الجُفاة الفُسَّاق مِمَّن يؤذيهم ببَسْطِ يَدٍ أو قَولٍ حَضيضٍ، فهم وَسَطٌ بين طَرَفي نَقيضٍ.
ولقد تَجلَّت خاصَّة مَحبَّةِ البخاريِّ ومسلمٍ لآلِ البيتِ في كُتبِهم عامَّةً، وفي «صَحيحِيْهما» بشكل أخصّ، فلقد أفردَا أبوابًا بحالِها في فضلِهم والتَّغنِّي بمَناقِبهم.
فمِن هذه الأبوابِ ما يَتناولُهم بعمومِهم:
مثل ما تَضَمَّنَ أحاديث التَّشهُّدِ في الصَّلاة، ففيها ذكرُ الصَّلاةِ على النَّبي صلى الله عليه وسلم وآلِه (١).
(١) كالَّتي عند البخاريِّ في (ك: الدَّعوات، باب: الصَّلاة على النبي صلى الله عليه وسلم)، وعند مسلم في (ك: الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التَّشهد).