للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب السَّادس

ترجيح الشَّيخين لإسناد على آخرَ أو لفظٍ في متنٍ على ما في متنٍ آخر، بالنَّظر إلى أقومِ المتون دلالةً

فمِن أمثلة ذلك عند البخاريِّ:

ما نقله التِّرمذي عن البخاريِّ قال: «سألت محمَّدًا -يعني البخاريَّ- عن حديث الحسن: «خَطَبنا ابنُ عبَّاس رضي الله عنه فقال: «إنَّ رسول الله رضي الله عنه فرضَ صدقةَ الفِطر»، فقال البخاريُّ: «روى غيرُ يزيد بن هارون، عن حُميد، عن الحسن قال: «خَطبَ ابن عبَّاس».

يقول التِّرمذي: «وكأنَّه رأى هذا أصحَّ، وإنَّما قال محمَّد هذا: لأنَّ ابن عبَّاس كان بالبَصرة في أيَّام علي رضي الله عنه، والحسن البصريُّ في أيَّام عثمان وعليٍّ كان بالمدينة» (١).

فرجَّح البخاريُّ أن تكون صيغة التَّحديث مِن غير الضَّمير المُتَّصل (نا)، لأنَّ الحسن كان غائبًا عن البصرة وقتَ خُطبة ابن عبَّاس بها.


(١) «العِلَل الكبير» للتِّرمذي (ص/١٠٨).
وينقل البيهقي «السنن الكبرى» (٤/ ٢٨٣) عن الحاكم النَّيسابوري أنَّه أجاب عن قول الحسن: «خطبنا ابن عباس بالبصرة» قال: «إنَّما هو كقول ثابت: قدم علينا عمران بن حصين، ومثل قول مجاهد: خرج علينا علي، وكقول الحسن: إن سراقة بن مالك بن جعشم حدثهم، الحسن لم يسمع من ابن عباس»، يعني أن الحسن عنى أن ابن عباس خطب أهل البصرة وهو منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>