للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الأوَّل

سَوق حديثِ طوافِ سليمان عليه السلام على نسائِه في ليلةٍ

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال (١):

«قال سليمان بن داود عليهما السَّلام: لَأطوفَنَّ اللَّيلةَ بمائةِ امرأةٍ، تلِد كلُّ امرأةٍ غلامًا يقاتل في سبيل الله، فقال له المَلَك: قُل إن شاء الله، فلم يقُل ونَسِي، فأطافَ بهنَّ، ولم تلِد منهنَّ إلَّا امرأةٌ نصفَ إنسان».

قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «لو قال: إن شاء الله، لم يحنَثْ، وكان أرْجى لحاجتِه» أخرجه بهذا اللَّفظ البخاريُّ (٢).


(١) كذا ورد في «البخاريِّ» وفي «مسلم» (رقم:١٦٥٤) موقوفًا على أبي هريرة رضي الله عنه، وقد وَرد مرفوعًا رفعًا صريحًا إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم في مواضع أخرى من «الصَّحيحين» وغيرهما، ولا تنافيَ بين الرَّفع والوقف فيه، لأنَّ الموقوفَ منه أُتبِع في آخره بما يدلُّ على رفعِه، وهو قول النَّبي صلى الله عليه وسلم تعليقًا على القصَّة: «لو قال: إن شاء الله، لم يحنَثْ .. »، ولذا صحَّح الشَّيخان كلا المرفوع والموقوف في «صحيحيهما».

ومجيء هذه الجملة في بعض الطُّرق مُقدَّمة بقول الرَّاوي: «قال أبو هريرة يرويه: لو قال إن شاء الله .. »، فإنَّ لفظ (يرويه) عند المحدِّثين كناية عن رفع الحديث إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، وحكم ذلك عند أهل العلم حكم المرفوع صريحًا، انظر «فتح المغيث» (١/ ١٥٧ - ١٥٨).
وعلى كلٍّ فإنَّ هذه الجملة التَّعقيبيَّة على القصَّة ليست ممَّا يدرك مثلها بالظَّنِّ والاجتهاد، وإنَّما الخبر بها يكون بما يعلمه الله تعالى مِن غيبه، فهي لا تأتي إلَّا عن علم صادقٍ وخبر يقينٍ، ولو جاء مثل هذا عن عباده لكان تخرُّصًا على غيب الله تعالى، كما قرَّره عياض في «إكمال المعلم» (٥/ ٤٢١ - ٤٢٢).
(٢) أخرج البخاري في (ك: النكاح، باب قول الرجل: لأطوفن الليلة على نسائي، رقم: ٥٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>