للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّاني

مَنشأ الاختلافاتِ في نُسَخ «الجامع الصَّحيح»

ولأحدِنا أن يسأل مُستشكلًا: مادام البخاريُّ قد بَيَّض «جامعَه الصَّحيح»، ولم يتصرَّف رُواتُه في مادَّتِه الأصليَّة من أنفسِهم، فما سَببُ الاختلافاتِ الَّتي نراها بين نُسخِه ورواياتِه في بعض الألفاظ؟!

والجوابُ على ذلك، ما أتقنَه السُّيوطيُّ سَبْكًا في كلامٍ جامعٍ مُحرَّرٍ يقول فيه:

«وقع في «الصَّحيح» بالنِّسبة إلى هذه الرِّوايات اختلافٌ وتفاوتٌ يسير:

١ - فما كان منه بزيادة حديثٍ كاملٍ أو نقصِه: فهو محمولٌ على أنَّه فَوْتٌ حَصل لِمن سَقط من روايتِه، مع ثبوتِه في أصل المؤلِّف.

٢ - وما كان بتقديم بعض الأحاديث على بعضٍ: فهو محمولٌ على أنَّه وَقع مِن صاحب الرِّواية عند نَسخِه بتقلُّب بعض الأوراقِ عليه.

٣ - وما كان اختلاف ضَبطِ لفظٍ واقعٍ في الحديث، كقولِه في حديث هِرقل: «هذا مُلك هذه الأُمَّة» بِلفظِ المصدر في رواية، وبلفظ الوصفِ في رواية، و (يَملِكُ) بلفظ المضارع في روايةٍ، وبلفظ الجار والمجرور في روايةٍ: فهو محمول على أحدِ أمرين:

أ- إمَّا أن يكون المُصنِّف نفسُه حَصل عنده شكٌّ في كيفيَّة اللَّفظ المرويِّ، فرواه تارةً كذا وتارةً كذا، فسمِعَته منه بعضُ رُواة «الصَّحيح» على وجهٍ، وبعضهم على وجهٍ آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>