للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- وإمَّا أن يكون الشَّكُّ حَصل من الرُّواة، فرواه كلٌّ على ما ظنَّ أنَّه أخذه من البخاريِّ كذلك، لكونِه لم يضبطه حِفظًا ولا خطًّا.

٤ - وكذلك ما حَصل الاختلاف فيه بزيادة كلمةٍ، أو جملةٍ، أو تقديمِ هذا القَدر.

٥ - وقد يكون الاختلاف بالنَّقصِ، لِسقوطِ كلمةٍ من النَّاسخ وَهمًا، أو لِكونِها في الحاشية فاندرَست.

٦ - وقد يكون بتغيُّر الإعراب، وارتكابِ ما هو لَحنٌ أو ضعيفٌ في اللُّغة، لِقلَّة ضبطِ صاحب الرِّواية وإتقانِه، فتُتَحمَّل له الأوجُه المُتكلَّفة، والصَّواب في مثل هذا الاعتمادُ على صاحب الرِّواية المُوافقةِ للصَّواب» ا. هـ

قلت: ومَردُّ أوجُه هذا الاختلاف في رواياتِ «الجامع الصَّحيح»، إلى أنَّ رُواتَه -كغيرهم مِن نَقَلة الكُتب الأخرى- بَشرٌ لا يَسلمون مِن بعضِ تصحيفٍ في خطٍّ وكتابة، أو تصحيفِ سماعٍ وأُذن، وذلك واقع في كلمات يَسيرة، تقعُ منهم في بعض ما في الكِتاب، ممَّا لا يقدح في سلامةِ أصله، «وقد يندُر للإمامين مَواضع يسيرةٌ مِن هذه الأوهام، أو لِمن فوقهما مِن الرُّواة» (١).

وكذا كان مِن أهَمِّ أوجُه تلك الاختلافات بين نُسَخ «الجامع الصَّحيح»: تَفرُّد بعضِها برواياتٍ نادرةٍ عن البخاريِّ (٢)، يَرجعُ كثيرٌ منها إلى عدم وقوفِ أصحابِها على التَّعديلات الَّتي أجراها المؤلِّف نفُسه على «صحيحه»، وقد عُرِف عن البخاريِّ إدامة النَّظرِ في كتابِه استدراكًا وتهذيبًا.

ومِن أقربِ أمثلةِ هذا الوجهِ من الزِّيادة: نفسُ ما اشتبَه على بعضِ كُتَّابِ الإماميَّةِ مِن ذكرِ القرطبيِّ رؤيتَه لبعضِ النُّسخ القديمةِ مِن «الصَّحيح» مُتضمِّنةً رؤيةَ البخاريِّ قَدَح النَّبي صلى الله عليه وسلم الَّذي كان عند أنَسٍ رضي الله عنه (٣)!


(١) «تقييد المهمل وتمييز المشكل» للغساني (٢/ ٥٦٥).
(٢) ذكر هذه الوجوه لاختلافات الرِّوايات مع أمثلتها التَّطبيقيَّة: محمد بن عبد الكريم بن عبيد في رسالته: «روايات ونُسخ الجامع الصَّحيح للإمام محمد بن إسماعيل البخاري» (ص/٥٠ - ٨٣).
(٣) «فتح الباري» (١٠/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>